سقوط المركبات في مياه البحر “موت” بلا “حواجز” في رأس الخيمة

أعادت حادثة سقوط سيارة الأسرة العربية، المكونة من زوجين وطفلتهما، التي لا يتجاوز عمرها عاما ونصف العام، في مياه خور المعيريض برأس الخيمة، إلى الأذهان مجدداً حوادث سقوط المركبات في الخيران، التي وصل عددها منذ بداية العام الجاري فقط إلى 4 حوادث، أسفرت عن وفاة 3 أشخاص من جنسيات عربية مختلفة . وفيما خلف أول حادثين، وقعا مطلع العام الحالي، الوفيات الثلاث، نتيجة سقوط مركبتين في مياه الخور قبالة كورنيش القواسم، أنقذت العناية الإلهية الأسرة العربية، في الحادث الأخير، من الموت غرقا . وفي ظل تكرار هذه النوعية من الحوادث، التي تؤدي إلى سقوط الضحايا، وإلحاق خسائر مادية فادحة بالمركبات، وإرهاق المنقذين البحريين والجهات الشرطية المختلفة، واستنزاف جزء كبير من وقتهم وجهدهم في التعامل معها، أصبح من الضروري، تحقيقا للمصلحة العامة، وحفاظا على سلامة المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم، تسليط الضوء بشمولية على الظاهرة المقلقة والخطرة، للوقوف على الأسباب المؤدية لتكرارها والحلول الناجعة، التي من شأنها الحيلولة من دون وقوع مزيد من السيارات في مياه خيران رأس الخيمة .

 عدد من المسؤولين والأهالي أجمعوا على أن الوقاية دائما خير من العلاج، ما يتوجب على الجميع، من جهات حكومية وأهالي، اتباع التدابير والإجراءات الوقائية كافة، التي من شأنها وقف حلقات هذا المسلسل الخطر ومنع عرضها مجددا، عبر إعداد دراسات مستوفية عن المواقع الساحلية، التي قد تكون شركا يتربص بمركبات السائقين، ومن ثم القيام بخطوات فعلية على أرض الواقع تلزم أصحاب المركبات بعدم الاقتراب من هذه الأماكن، عبر تركيب حواجز على طول الخيران ذات السواحل المكشوفة، والعمل بجد على الجانب التوعوي لدى شرائح المجتمع، لحثهم على الابتعاد عن مكامن الخطر، الذي قد يؤدي لسقوط مركباتهم في مياه البحر، وتعريض سلامتهم وسلامة أفراد أسرهم للخطر .

وقفة جادة

 جاسم الحرمي، موظف حكومي، يرى أن تكرار سقوط المركبات في خيران رأس الخيمة في الأشهر الأخيرة يدعو للوقوف وقفة جادة من قبل جميع الجهات المختصة، لاتخاذ كل ما من شأنه منع وقوع حادث جديد من هذه الحوادث، التي يروح ضحيتها الأبرياء .

 ويقول إن مسؤولية وقوع هذه النوعية من الحوادث تعتبر مشتركة، تتحملها جهات مختلفة ابتداء من أصحاب المركبات، وصولاً إلى الجهات الحكومية المختصة، ما يتطلب من الجميع عمل دراسة مستوفاة للوقوف على الأسباب المؤدية لتكرار سقوط المركبات في الخيران، والعمل بسرعة على معالجة الأسباب وحلها، حفاظا على السلامة والمصلحة العامة، وحماية لأرواح وممتلكات الأهالي من مواطنين ومقيمين، مشيراً إلى أن ما يثير الاستغراب هو عدم تركيب الجهات المعنية حتى الآن الحواجز والموانع على طول الكواسر الصخرية المكشوفة، رغم تكرار سقوط المركبات والضحايا .

 ويؤكد الحرمي أن مسؤولية أصحاب المركبات ممن يوقفون مركباتهم على بعد سنتيمترات قليلة من حافة الكواسر الصخرية المكشوفة، الواقعة في بعض أجزاء كورنيش القواسم، أو في الجانب المقابل من خور رأس الخيمة من جهة المعيريض، أو في أي مكان آخر، لا تقل عن مسؤولية الجهات المعنية، كونهم يعرضون سلامتهم وسلامة غيرهم للخطر، من خلال احتمالية تسبب وقوفهم الخاطئ بانزلاق المركبة إلى المياه وسقوطها وغرقها .

ويشير أحمد عبد الوهاب، موظف حكومي، إلى أن استمرار حوادث سقوط المركبات في مياه الخيران برأس الخيمة يجب أن يوجه دفة الاهتمام من قبل المسؤولين في الإمارة، وفي دائرة الأشغال والخدمات العامة على وجه التحديد، لحل هذه المشكلة، التي باتت تشكل تحديا حقيقيا للجهات الشرطية المختصة، التي تبذل جهوداً كبيرة في التعامل مع هذه النوعية من الحوادث عند وقوعها .

 ويوضح أن مخاطر هذه النوعية من الحوادث لا تقتصر فقط على ركاب المركبات، التي تتعرض للسقوط، إنما تحيط سلامة وحياة كل فرد من أفراد الفرق المعنية، التي توكل إليها مهمة إنقاذ أصحاب هذه المركبات والموجودين فيها، وسحب المركبة من قعر الخور، إضافة إلى أنها قد تكون سبباً مهماً في فقدان أي شخص لحياته، كما حدث في حادثة سقوط سيارة خصوصية يقودها شاب عربي في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما فقد رجل خليجي حياته، خلال محاولته الباسلة لإنقاذ سائق السيارة، التي سقطت في مياه الخور .

فيصل علي الشحي، موظف، يعرب عن أسفه الشديد لوقوع حادثة جديدة من حوادث سقوط المركبات في مياه الخيران برأس الخيمة، بغض النظر عن الأسباب أو جوانب القصور المؤدية لذلك .

 ويضيف الشحي أنه يندهش كثيرا عند مطالعته أو سماعه خبراً عبر وسائل الإعلام عن سقوط سيارة في مياه الخيران برأس الخيمة، لاستمرار هذه النوعية من الحوادث، وعدم تركيب الجهات المختصة منذ الحادث الأول حواجز أو مصدات تمنع سقوط السيارات في المياه، وتحافظ على أرواح وممتلكات الأهالي، الذين تختلف مستوياتهم الثقافية والفكرية والتوعوية، ممن قد يدفعهم الجهل بمخاطر الوقوف على بعد مسافة قريبة من حواف الكواسر الصخرية باتجاه مياه البحر للاقتراب بشكل خطر منها، ما قد يجعل من مركباتهم طعما سهلا وسائغا لمياه الخيران، التي تبتلع الأرواح والممتلكات، مشددا على ضرورة إسراع الجهات المسؤولة إلى معالجة هذه الكواسر، حفاظا على السلامة العامة .

 الوعي الوقائي

 في السياق ذاته، يشير محمد عبدالله، من الأهالي، إلى أن ضعف الوعي لدى بعض أصحاب المركبات، ممن يوقفون مركباتهم باتجاه مياه الخيران، على بعد مسافة قريبة جدا من حواف الكواسر الصخرية المكشوفة، إلى جانب عدم وجود حواجز أو أرصفة مرتفعة تمنع السائقين من الاقتراب، تمثل في مجموعها أهم أسباب سقوط المركبات في مياه الخيران، وما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية .

 ويبين عبدالله أن ما يعكس ضعف الثقافة الوقائية عند فئة من أصحاب المركبات سير بعضهم بمركباتهم على الألسنة البحرية الصخرية الممتدة إلى داخل المياه، في صورة تزيد احتمالية سقوط مركباتهم في مياه البحر، لاسيما مع ضيق هذه الألسنة، مستذكرا حادثة وقعت قبل نحو 7 سنوات، تتمثل في تعلق مركبة شاب خليجي بصخور أحد الألسنة البحرية الواقعة قبالة السوق الكويتي برأس الخيمة في الكورنيش القديم .

 ويشير إلى أنه مع وقوع كل حادث من حوادث سقوط المركبات في مياه البحر تتعالى أصوات المطالبين دائرة الأشغال والخدمات العامة في الإمارة بتركيب حواجز إسمنتية أو خشبية أو حتى صخرية، تحول من دون سقوط المركبات في مياه الخيران، لكن العمل على أرض الواقع لا يزال بحاجة لخطوات فعلية في هذا الجانب .

 حواجز حماية

 طارق عتيق، رب أسرة، من سكان المنازل الواقعة قبالة خور المعيريض برأس الخيمة، يطالب دائرة الاشغال والخدمات العامة في رأس الخيمة بسرعة تركيب حواجز من شأنها الحيلولة دون وصول مركبات الأهالي إلى حواف الكواسر الصخرية المكشوفة، التي تعد خطرا حقيقيا يتربص بالمركبات، وخطرا محدقا يحيط بأبنائهم، الذين يتوجهون للعب بالقرب من تلك الكواسر .

 المسؤولية الأولى

 العميد محمد النوبي، نائب القائد العام لشرطة رأس الخيمة، أكد أن المسؤولية الأولى في تكرار حوادث سقوط المركبات في مياه الخيران برأس الخيمة تقع في المقام الأول على عاتق أصحاب السيارات، الذين يوقفون مركباتهم بالقرب من حواف الكواسر الصخرية بشكل مواجه للمياه، ما يعكس ضعف الجانب الثقافي الوقائي العام لديهم بمخاطر هذه السلوكيات .

 وأضاف أن شرطة رأس الخيمة، باعتبارها جهازاً أمنياً، يحرص على توفير أعلى معدلات الأمن في ربوع الإمارة، والحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم، تحرص على مخاطبة الجهات المعنية وحثها على توفير معايير واشتراطات السلامة في المواقع كافة، بما فيها كواسر المياه المكشوفة، من خلال إنشاء حواجز تحول من دون سقوط المزيد من السيارات في المياه، مشيراً إلى مدى الألم والحزن الذي يعتصر القلوب عند وفاة أي شخص، نتيجة سقوط المركبات في المياه، ما يتطلب من الجميع من جهات رسمية وشعبية التعاون، لتحقيق الأهداف المنشودة في ضمان سلامة الجميع .

 وأكد العميد النوبي أنه طالما لا توجد حواجز تحول من دون سقوط المركبات في مياه الخيران في مناطق رأس الخيمة فإنه يتوجب على الجهات المختصة سرعة تركيب لوحات تحذيرية وإرشادية، تنبه الجمهور إلى مخاطر الوقوف بالقرب من حواف الكواسر الصخرية ومياه البحر .

 التركيز على التوعية

 العقيد محمد عبدالله الزعابي، مدير إدارة الدفاع المدني في رأس الخيمة، أكد أن الإدارة باعتبارها أحد الأجهزة الشرطية الساعية لتقديم خدماتها للجمهور والحفاظ على سلامتهم، عبر تقديم يد العون لهم في حال تعرضهم لأي طارئ، معنية بحوادث سقوط المركبات في مياه الخيران .

 وشدد على ضرورة تضافر جهود جميع الأجهزة الشرطية والأمنية من جهة، والجهات والدوائر الحكومية المعنية والمجتمعية والجمهور من جهة أخرى، للتصدي لهذه النوعية الخطرة من الحوادث، التي تذهب بأرواح الأبرياء، ما يترك آثارا سلبية وخيمة في الجانبين البشري والمادي، مضيفاً أنه يجب التركيز في المرحلة المقبلة على تعزيز الجانب الثقافي لدى مختلف شرائح المجتمع، عبر تعريفهم بمخاطر إيقاف مركباتهم باتجاه مياه البحر، على مسافة قريبة من حافة الكاسر الصخري .

 لوحات إرشادية

 وأشار إلى أهمية تركيب لوحات إرشادية واضحة بعدة لغات على طول الكواسر الصخرية المكشوفة، تحذر الجمهور من مغبة الاقتراب بمركباتهم باتجاه حواف الكواسر، وتدعوهم إلى الابتعاد على الأماكن الخطرة، موضحا أن تركيب أرصفة ذات علو مرتفع أو حواجز على طول تلك المناطق يعتبر أمرا ملحا، من شأنه منع وقوع المزيد من حوادث سقوط المركبات في مياه البحر .

 استنزاف

 الملازم أول يوسف يعقوب المنصوري، الضابط المسؤول في الإنقاذ البحري بشرطة رأس الخيمة، أشار إلى أنه في حال قيام كل جهة من الجهات المعنية بدورها في الجوانب التنظيمية والإرشادية، ستختفي حوادث سقوط المركبات في الخيران، وبالتالي نحافظ على أرواح الأهالي وممتلكاتهم . ودعا المنصوري السائقين الراغبين في الوقوف على الشواطئ والكواسر الصخرية إلى وقف مركباتهم بشكل متوازٍ مع مياه البحر، وليس بشكل مقابل لها، تلافيا لسقوطها في المياه، مؤكدا أهمية تركيب الجهات المعنية حواجز ولوحات إرشادية على طول الشواطئ الصخرية، التي تقصدها أعداد كبيرة من الزوار والسياح والأسر وحتى الأطفال .

 رئيس “أشغال رأس الخيمة”: لم نتلق طلباً لتركيب “حواجز”

 أشار عبدالله يوسف، رئيس دائرة الأشغال والخدمات العامة برأس الخيمة، إلى أن أسباب تكرار سقوط السيارات في مياه الخيران تعود إلى عدم انتباه سائقيها، وقيادتهم بسرعات عالية، وعدم تقيدهم بالقوانين والأنظمة المرورية . وأضاف أن وجود عدد من الخيران في رأس الخيمة وطول سواحلها يجعل من الصعب وضع حواجز على امتدادها، لاسيما مع اختلاف مساحاتها في بعض المناطق، مؤكداً عدم تلقي الدائرة لأي طلبات من المواطنين أو المقيمين أو أي جهات أخرى لتركيب سواتر أو حواجز أو حتى لافتات إرشادية على طول الخيران في إمارة رأس الخيمة .

 حوادث سقوط المركبات في “الخيران” خلال عام

 الحادث الأول وقع في الثامن من يناير/كانون الثاني من العام الحالي، عندما انحرفت سيارة يقودها شاب عربي، يعمل موظفاً في أحد مستشفيات رأس الخيمة، لتسقط في مياه خور رأس الخيمة، خلال قيادته لها على شارع كورنيش القواسم، ما أدى إلى وفاته غرقاً مع شخص قطري هرع لإنقاذه .

 الحادث الثاني وقع في الثامن عشر من الشهر ذاته، أي بعد الأول بنحو 10 أيام فقط، توفي إثره شاب وفتاة من جنسيتين عربيتين، نتيجة انزلاق مركبتهما، التي كانت متوقفة على مسافة قريبة جدا من حافة الكاسر الصخري على كورنيش القواسم، وانتشلت جثتهما ومركبتهما من قبل رجال الإنقاذ البحري .

 الحادث الثالث وقع قبل أشهر، ونجا فيه شابان مواطنان، عندما تمكنا من القفز من سيارتهما، التي سقطت في مياه خور الرمس، قبل أن تغمرها وتبتلعها مياه البحر . ونجت في الحادث الرابع أسرة عربية، مكونة من زوجين وطفلتهما، بمساعدة عدد من الشباب، الذين وُجدوا بالقرب من موقع الحادث في خور المعيريض أوائل الشهر الجاري، فيما انتشلت مركبتهم من قبل الإنقاذ البحري بشرطة رأس الخيمة، باستخدام رافعة تابعة لشركة تأجير معدات .الخليج

Related posts